اجدد المواضيع

الثلاثاء، يوليو 15، 2014

يوميات صايم




كن في الدنيا كعابر سبيل،ليس يظهر غير كل جميل،ويصحب كل جميل الاثر،في الحياة وبعد الرحيل،غض البصر استعفاف،فكل الحوادث مبدؤها من النظر **** ومعظم النار  من مستصغر الشرر

 وكم نظرة فتكت بقلب صاحبها **** فتك السهام بلا قوس ولا وتر

  يسر مقلته ما ضر مهجته  **** لا مرحباً بسرور جاء بالضرر

والمرء ما دام ذا عين يقلبها **** في أعين الغيد موقوف على الخطر 















صَـبـِاحْ تـَنـّفَـرِج فـِيـه. هُـمـُومَـنا.





ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم



اللّهم أجعل صَـبـِاحْنا
* تـَنـّفَـرِج فـِيـه. هُـمـُومَـنا.
وَتـَنـّشَـرحْ فِيـِہْ صُـدُورنا ٠
* وَتـَقـّبـَلْ تَـوّبَـتـَنا ٠ *
وتَـتـسِـعْ أَرّزاقَـنا *
* وتُـسـتـجـابْ دَعّـوَاتَـنا
سـبـحـان الـلـه عــدد مـاكــان ،، وعـدد مـايـكـون 
وسـبـحـان الـلـه عـدد الـحـركـات والـسـكــون



ليلة القدر




ليلة القدر، هي إحدى ليالي شهر رمضان وأعظمها قدراً، حيث ورد في القرآن أنها خير من ألف شهر ، وأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن . وتفسير هذا كما ورد في بعض الروايات عن عبد الله بن عباس أنها الليلة التي أمر الله فيها جبريل بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الدنيا يسمى "بيت العزة" [، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على محمد متفرقًا على حسب الأسباب والحوادث . فأول ما نزل منه كان في تلك الليلة نزلت أول خمس آيات من سورة العلق.


اللهم فرج كرب المكروبين وهم المهمومين واقضي الدين عن المدينين وارحم امة نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم وآلف بين قلوبهم وانزع الغل والحقد من قلوب المسلمين برحمتك يا ارحم الراحمين.حسبنا الله نسآله من فضله ان إلي الله راغبون
اللهم ثبت محبتك في قلوبنا وقوها ووفقنا لشكرك وذكرك وارزقنا التأهب والاستعداد للقائك واجعل ختام صحائفنا 

كلمــــــــــة التوحيد (أشهد ان لا اله الا الله ,,,,,,,,,,,, ,,,,,واشهد ان محمد رسول الله ).







الاثنين، يوليو 14، 2014

شاتوبريان.. حج إلى مهد الحضارات







كان الكاتب الفرنسي «فرانسوا رينيه شاتوبريان» عند بدايات القرن السابع عشر، قد ألف كتاباً في العام 1811 تحت عنوان «من باريس إلى القدس»، يلخص فيه رحلته المغامرة إلى الشرق الأدنى، بين 1806 و1807. ويعتبر هذا الكتاب إحدى القمم في أدب الرحلات الفرنسي. يقول عن كتابه: «إن مساري، إنما هو مسار رجل انطلق أصلاً إلى حيث يرى السماء والأرض والماء.. ثم عاد إلى دياره وفي رأسه بعض الصور الجديدة، وفي فؤاده بعض المشاعر الإضافية». وقد قسم «شاتوبريان» كتابه إلى سبعة أقسام يتحـــدث كل قسم فيها عن منطقة، أو مدينـــة، مـــن المناطق والمدن التي زارها.



الشرق مهد الأديان
فهو في القسم الأول يتحدث عن سفرته إلى اليونان، التي منها ابتدأت «الرحلة الشرقية». وفي الثاني عن «الأرخبيل» والأناضول والآستانة. أما في القسم الثالث فنجده متنقلاً بين جزيرة رودس ومدينتي يافا وبيت لحم الفلسطينيتين، وصولاً الى البحر الميت. أما القسم الرابع فإنه يخصصه كله لمدينة القدس. ولا يكتفي بهذا، بل انه وبعد تردد يفرد القسم التالي، الخامس، للحديث عن القدس نفسها ايضاً. أما في القسم السادس فإنه يحدثنا عــن تجولـــه فـــي مصر، قبل أن يكرس القسم السابع والأخيــر لرحلة يقوم بها إلى تونس، تقوده في النهاية إلــــى دياره فرنسا.
وقد اغرم بالشرق وروحانيته وسحره منذ زمن. لذلك ـ وقبل وضع أي قدم له في رحلته الشرقية، انكب على قراءة كتب التاريخ، وخاصة ألف ليلة وليلة، ودرس لوحات الفنانين.
إن «شاتوبريان» شرح في مقدمة الكتاب أن ما يقوم به هنا انما هو نوع من الحج إلى مهد الحضارات القديمة، والوقوف على أطلالها. ويعرف الكاتب الرحالة، إن هذه المنطقة من العالم هي مهد الأديان السماوية، حيث تتجسّد في كل شيء تقع عليه عيناه. وذلك ما أدى إلى تحريك خياله وقلمه ومن حوله مثيراً عواطف قرائه الفرنسيين.
الدوران حول البحر المتوسط




مع مطلع سنة 1806 انطلق «فرانسوا شاتوبريان» في رحلته إلى الشرق التي كانت تخامره منذ زمن الصبا، وشبّه نفسه بـ«هوميروس» الأسطوري، وهو يدور حول البحر الأبيض المتوسط: سبارطة، أثينا، القدس، الأسكندرية، وآثار قرطاج وقصر الحمراء في الأندلس.
وكانت سنة 1811م أهم سني حياة «شاتوبريان» الأدبية كما صرح بذلك في مقدمة (الرحلة من باريس إلى القدس) التي نشرها في السنة نفسها، وفيها بدأ كتابة الكتاب الذي سيشتهر به حتى الآن (مذكرات ما وراء القبر) كما عين عضوا بالأكاديمية.
وبالتالي كان تأثير «شاتوبريان» محوريا على جميع الرومانسيين الفرنسيين اللاحقين، سواء مدام «دي ستايل» مؤلفة الكتاب الشهير عن الأدب 1800م أو في الشعر الرومانسي مع «ألفونس لامارتين» صاحب تأملات شعرية و«فيكتور هيغو» في أوراق الخريف، وأيضا «ألفرد دي فينيه» مؤلف قصائد قديمة وجديدة و«ألفرد ديموسيه» صاحب المراثي الشهيرة لحبيبته في الأمسيات. وهذا ينطبق أيضا على رومانسيين آخرين في الرواية الفرنسية، مثل ستاندال وبلزاك وجورج ساند الذين بدأت تظهر في أعمالهم الملامح الأولى للواقعية، لكنهم حملوا قسمات واضحة من رومانسية «شاتوبريان». واستقبل أيضا في بلاده بالقدر نفسه من التشجيع حين عاد يوم 2 يناير 1792، إلا أن موقفه المناصر للملكية جعل رجال الثورة الفرنسية يطاردونه فهرب إلى بلجيكا، وتطوع للمقاومة ضد الثورة وجرح، واضطر للهروب إلى إنجلترا 1793.
لم يتردد الكاتب الفرنسي ستندال أن يعيب على «شاتوبريان» أنانيته، هل كان رومانسياً حقيقياً وهو يتأمل الشرق؟ أم رآه بعيني شاعر نبيل أم بعيني السياسي؟
ورغم تعجله اللحقاق بمحبوبته «ناتالي دونواي» في غرناطة، لكن الكتاب تحوّل إلى شهادة سياسية ومرآة للوضع والأحداث التي حاول شاتوبريان قراءتها من وجهة نظر شخصية. ولعل الخطأ الذي وقع فيه هو امتداحه للحروب الصليبية. لم يقتصر أثر شاتوبريان على كونه افتتح الطريق إلى ما يطلق عليه بالرحلة إلى الشرق، بل قام بنقل نموذج الرحلة من واقع إلى واقع.. بمعنى أن الكثير من الرحلات كانت تهدف العودة إلى الماضي واكتشاف المناطق البكر من العالم، الفردوس المفقود، وهو ما طبعت به غايات رحالة القرن التاسع عشر. وعبر بآرائه الراديكالية عن مزاج عام كان يسود أوروبا عقب الحملات الصليبية، فضلا عن تأثيرات تلك النظرة النمطية التي تحكمت بآراء المستشرقين إزاء الشرق وشعوبه لعقود طويلة.
الرحلة حج إنساني



استغرقت رحلة شاتوبريان 332 يوما، وتعددت أسباب الرحلة: الفضول أولا، إلى جانب فكرة القيام برحلة حج إنساني. السعي وراء الصور لتدعيم كتابه: «الشهداء»، والرغبة في إضاءة جديدة. تتعدد مستويات السرد في هذا الكتاب، فحينا نرى شاعرا رومانسيا حالما يصف برهافة، مناظر الغروب وأمواج البحار، وسحر الطبيعة، وفي أحيان أخرى، نجد مؤرخا يسرد تواريخ المدن مثلما نلاحظ لدى حديثه عن القدس، حيث يسرد شاتوبريان تاريخ المدينة ويقوم بتحليل مؤلف لوتاس «القدس المحررة». كما يحوي كتابه العديد من الأشعار والكتابات والمقولات لمؤلفين وشعراء ورحالة، ما يشير إلى كاتب موسوعي، واسع الثقافة.

رؤية شاتوبريان الأحادية الجانب



لم يتردد الكاتب الفرنسي ستندال أن يعيب على «شاتوبريان» أنانيته، هل كان رومانسياً حقيقياً وهو يتأمل الشرق؟ أم رآه بعيني شاعر نبيل أم بعيني السياسي؟
ورغم تعجله اللحقاق بمحبوبته «ناتالي دونواي» في غرناطة، لكن الكتاب تحوّل إلى شهادة سياسية ومرآة للوضع والأحداث التي حاول شاتوبريان قراءتها من وجهة نظر شخصية. ولعل الخطأ الذي وقع فيه هو امتداحه للحروب الصليبية. لم يقتصر أثر شاتوبريان على كونه افتتح الطريق إلى ما يطلق عليه بالرحلة إلى الشرق، بل قام بنقل نموذج الرحلة من واقع إلى واقع.. بمعنى أن الكثير من الرحلات كانت تهدف العودة إلى الماضي واكتشاف المناطق البكر من العالم، الفردوس المفقود، وهو ما طبعت به غايات رحالة القرن التاسع عشر.
وعبر بآرائه الراديكالية عن مزاج عام كان يسود أوروبا عقب الحملات الصليبية، فضلا عن تأثيرات تلك النظرة النمطية التي تحكمت بآراء المستشرقين إزاء الشرق وشعوبه لعقود طويلة.




سيرة



فرانسوا ـ رينيه دي شاتوبريان «1768 ـ 1847»، ولد في سان ـ مالو غرب فرنسا لأسرة ذات مجد قديم. وهو عرف لاحقاً بنشاطاته الفكرية والسياسية، وبرحلاته المتعددة. وعين في العام 1803 في منصب ديبلوماسي في روما، ممثلاً الحكومة الفرنسية، بعدما كان سجن واضطهد بسبب مشاركته في حرب الأمراء ضد الجمهورية، لكنه بعد اعدام الدوق انغيان، استقال ليبدأ بعد ذلك رحلته الشرقية. وفي العام 1815، بعد نشره كتاب «من بونابرت إلى آل بوربون» هرب، إثر عودة نابوليون، ثم بعد سقوط هذا عُين وزيراً، ليخلع عاماً بعد ذلك، حين وضع كتاباً حدد فيه شروط عودة الملكية. وقد ظلت حياته السياسية بين مد وجزر حتى رحيله.

زار أميركا. وأقام في إنجلترا، حيث نشر أول كتبه «مقال تاريخي وسياسي وخلقي عن الثورات» 1797، و«أتلا» 1801، و«درينية » 1802، وحقق له الأخير شهرة واسعة جعلته أعظم كتاب عصره. عينه نابليون أميناً للسفارة التي بعث بها إلى إيطاليا 1803، ولكنه استقال من منصبه 1804، وظل يشغل مناصب سياسية أخرى حتى 1830، عندما ترك السياسة، وانصرف إلى الأدب كتب «الشهداء» 1809، التي صور فيها انتصار المسيحية على الوثنية. وكتب «رحلة من باريس إلى بيت المقدس» 1811، وأنهى حياته بكتابة «مذكرات ما وراء القبر» 1849، ويعتبر شاتوبريان زعيم المدرسة الرومانسية في الأدب الفرنسي، ويعزى إليه الفضل في إثراء اللغة الفرنسية وتطور النثر الفني.

تاريخ علم الثقافة الإسلامية:







الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وآله وصحبه.. أما بعد
فليس من السهل وضع تاريخ لعلم جديد لا زال في مراحله الأولى، ويحتاج إلى الكثير من أجل أن يصبح ناضجا كالعلوم الإسلامية التي مرت بوقت طويل كان كفيلا بإنضاجها، هذا بالإضافة إلى أنها قد ولدت في عهد الأزدهار وتأسيس العلوم، على حين تأخرت ولادة علم الثقافة الإسلامية إلى العصر الحديث الذي أسهم بظروفه في إبراز الحاجة إلى علم جديد يعالج العديد من المسائل يأتي في مقدمتها، منهاج الإسلام وما انبثق عنه من رؤية للوجود ونظام للمعرفة ولتوجيه الحياة وبناء أمة تتصف بوحدة الثقافة، وما اعترى الأمة من تحولات وتحدي الثقافة الغربية، وما نتج عنه من أزمة في الهوية ومناهج التفكير والمعرفة والسلوك والتشريع وما كشفه من تأخر وضعف لدى الأمة الإسلامية.

هذه المسائل وغيرها كانت الفعل الذي ولد رد فعل معرفي تمثل في الأبحاث المتعددة التي أعلنت ولادة ذلك العلم، واستدعت إطلاع اسم عليه لينظم إلى العلوم الإسلامية، ولكن قبل ذلك يرد التساؤل حول جذور هذا العلم في الإسلام، ولماذا لم ينشأ علم بهذه الصيغة من قبل؟ أليس الإسلام بوصفه منهاج حياة كان محل عناية الأمة من أجل أن توجه حياتها في ضوئه؟ أم تكن الرؤية للوجود التي انبثقت عن محل عناية ونظر من قبل. أبيس انبثاق النظام المعرفي والسلوكي والتشريعي عنه سابق للعصر الحديث؟ أم تمر الأمة بتحديات في مجالات عدة؟ أم يظهر تأثير الأمم السابقة على الأمة من قبل؟ والذي نبه إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من الأسئلة المشابهة للأسئلة التي ثارت في العصر الحديث فلماذا لم يوجد العلم من قبل؟
للإجابة على ذلك سأحاول إلقاء نظرة موجزة على العلم في مرحلتين، مرحلة ما قبل العصر الحديث، ومرحلة العصر الحديث.

أما المرحلة الأولى فتبدأ منذ تنزل الوحي الذي جاء من أجل أن يغير الإنسان والمجتمع ويصنع ثقافة عالمية تعلن مولد المجتمع العالمي والثقافة العالمية الربانية التي تهدف إلى إنقاذ الإنسان وإسعاده ورعايته، وتعلن صراحة ودون مواربة أنها لن تلغي الاختلاف أو تنهيه، ولن تصادر حق المخالف في الوجود بل في الحوار والتعايش، ولكنها تكشف عن حقيقة الإنسان وسر سعادته وشقاوته، وأصول السعادة والشقاوة، والسنن التي يشتغل الوجود الإنساني في ضوئها، بل وجود المخلوفات بأسرها، ولكنها تبين في الوقت نفسه أن الوصول إلى السعادة وفق توجيهاتها لن يكون مرضيا لدى الطائفة العظمي من الناس بسبب غلبه الهوى، ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن التداول بين الناس من عوامل الصلاح واندفاع الفساد، وكذلك إلى الظهور التدريجي للحق وأن الوقائع الكونية والإنسانية ما تزال تدفع بالتاريخ إلى ظهور الحق، كل ذلك كان واضحا وبيناً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان تكون المجتمع الإسلامي الأول تسجيلا للثقافة الإسلامية في التاريخ ، وبداية لحراكها على الأرض خارج النص الذي يعتبر مرجعها، ولآخذ بخطواتها على الأرض، وقد كان وضوح ذلك الأمر الكلي من الأسباب الأساسية لعدم الكتابة في أو التنظير له، بحيث كانت العناية موجهة للتفاصيل ولبيان جوانب الإسلام، وظهر ذلك بحسب ما يؤدي إليه حراك المجتمع المسلم، ولكن الاختلاف في الأمة أظهر نوعا من التفسير الكلي للإسلام، ولكن في إطار مذهبي كما يلاحظ في المذاهب المتكاملة في تاريخ الحضارة الإسلامية التي لها تصور عقدي ينبثق منه مذهب علمي كالتشيع بمذاهبه، والمذاهب السنية، ومذهب الخوارج، فقد كانت تلك المذهبيات تؤسس لتفسير الإسلام بنزعة كلية تكاملية وفق رؤيتها العقدية، فهي عبارة عن نظرة كلية تكيف الإسلام وفق تصور معين، تؤسس عليه الفروع العملية بما يتلاءم معها، وقد استطاعت تلك المذهبيات بحسب مواقعها المكانية استيعاب التطورات وتكييف الوقائع وفق ما تقتضيه رؤيتها الكلية، كما أنها لم تعمد إلى إلغاء السائد الاجتماعي بشكل عام، بل استطاعت توظيف العوائد الاجتماعية وفق مقتضياتها.

من خلال العرض السابق تتضح أسبقية الثقافة الإسلامية بوصفها أسلوب حياة للمجتمع في الواقع قبل أن تتحول إلى تنظير لها كبناء كلي خاضع للنظر والدراسة كما هو الشأن في العصر الحديث، وإن وجد نوع من الاهتمام بالجانب النظري من الثقافة كما يلحظ ذلك لدى بعض العلماء الذين تصدوا لدراسة الواقع الاجتماعي ونقده أو دراسة واقع العلوم والسبيل إلى إعادة فاعليتها كالغزالي وأبن تيمية حيث تتجلى النظرة الشمولية في الدراسة بل حتى في الفتوى، وفي مطالع العصر الحديث سار على النهج السابق في العناية بالبعد الكلي ولي الله الدهلوي في كتابة (حجة الله البالغة) الذي تناول فيه الإسلام بنظرة كلية تبين شموله لأمر الدين والدنيا، ولكن تناوله كان بأسلوب الأقدمين ومصطلحاته، وقد ظل تأثير القديم حاضرا حتى في العلماء المتأخرين الذين عنوا بمواجهة الحضارة الغربية ممن تكونوا على تراث الإسلام وحدة أو انطلقوا من رؤية مذهبية إسلامية سابقة من حيث الأسلوب والمصطلحات ومنهجية الرد. فكان الاهتمام في الغالب منصب على الجانب العقدي، أو ما يمس العلوم الإسلامية، أو مظاهر الحياة الاجتماعية، ولكن تغلغل الغرب في الأمة الإسلامية على مستوى الزمان والمكان والفكر والمعرفة والسلوك والتشريع أحدث تحولاً وأنتج وعياً جديداً بهذه الأزمة الشاملة التي تتطلب إجابة شاملة، كما أثار الاهتمام بهذه الأمة الجديدة التي قفزت إلى سدة قيادة الإنسانية، والعوامل التي مكنتها، والعوامل التي قعدت بالأمة الإسلامية عن مركز القيادة بعد أن تولته زمناً طويلاً، وهذا ما يقودنا إلى مرحلة العلم في العصر الحديث فمن الناحية العلمية نتيجة للتطور الاجتماعي، والتفاعل الفكري والعلمي والقيمي من الآخر الممسك بزمام الحضارة، فقد وضع هذا المصطلح لبيان شمول الإسلام لجوانب الحياة الإنسانية، وما ينطوي عليه من إمكانات لصنع محيط حضاري من خلال شبكة من العلاقات الغيبية والمادية، يؤدي إلى بناء الشخصية الإنسانية الفاعلة والمتوازنة والقادرة على الندية الحضارية دون الوقوع في شرك التبعية للآخر أو القطيعة معه والنفور، وفي ظني أن من وضع هذا المصطلح كان موفقا غاية التوفيق بإيجاد الجسر الواصل بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية، فالثقافة مصطلح ينتمي إلى العلوم الإنسانية ويعبر عن ظاهرة إنسانية هي في مضمونها (أسلوب الحية لمجتمع ما الذي يحدد سلوك الأفراد فيه) أو بحسب تعريب تايلون: (ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون وغيرها من القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع) وكلمة الإسلامية تنتمي إلى المجال الشرعي لتكشف عن ثقافة معينة أو أسلوب حياة معين هو أسلوب الحياة الإسلامية، وهذا الأسلوب يمكن أن ينظر إليه باعتبارين، باعتباره معياراً، أي كيف ينبغي أن يكون أسلوب الحياة الإسلامية؟ وما القيم الجوهرية الصانعة لتلك الثقافة بوصفها بناء كلياً أو منظومة قيم متكاملة تشمل الأصول والفروع والسلوك الفردي والاجتماعي من حيث دخولها في ذلك الكل لا من حيث فرديتها. والاعتبار الآخر الثقافة الإسلامية تاريخا؟ أي كيف تحقق ذلك البناء القيمي في التاريخ؟ وما العوامل التي أسهمت في تقدمه أو تعويقه؟ وكيف تم التفاعل في إطاره مع الثقافات والحضارات الأخرى؟ وما الإسهامات التي نتجت عنه؟ وكيف لم يحل دون تخلف الأمة وانحطاطها؟ وما السبيل إلى الأحياء والنهضة؟ وهل يمكن الإحياء في ضوء تلك المنظومة المعمارية؟ وما الشروط التاريخية للإحياء؟ وما موقع التراث في برنامج النهضة؟ ونحو ذلك من الإشكالات المتعددة التي لا تزال تتردد في الفكر الإسلامي منذ ان تفتح وعي المسلمين على العصر الحديث، وأدركوا البون الحضاري الشاسع بينهم وبين الآخر. إن هذا الجانب المشار إليه لا يدخل في كليته وعموميته تحت علم من علوم الشرعية مما استدعي تأسيس هذا العلم تحت هذا المصطلح الجامع بين الجانب الشرعي والإنساني لردم الهوة، والتأسيس لوعي جديد ينطلق من منهاج الإسلام، ويستثمر المستجد الثقافي والعلمي، وقد كانت الأفكار المنتجة حول موضوع العلم قبل التأسيس مسكونة بهم الدفاع عن الإسلام، وتبرئته من نسبة التخلف والانحطاط إليه، ومشغولة بهم النهضة، ويلاحظ أن الذين مثلوا هذا الفترة كان لهم باع في العلم الشرعي، ولذلك ظهر لديهم ملاحظة الجوانب التي هي محل اتفاق مع الغرب، والتي هي محل اختلاف، وسعوا في تلك الظروف لإبراز أسبقية الإسلام إلى صنع الحضارة، والاهتمام بها من خلال تلك الجوانب. وقد لقي هؤلاء العلماء من بعد هضما لحقوقهم ، ونيلا منهم، بل اتهامهم بالانهزامية أمام الغرب وحضارته دون اعتبار لتكوينهم وواقعهم ووصفهم بأنهم أصحاب نزعة توفيقية بل تلفيقية، وذلك حينما جاء دور المثقف الذي يغلب عليه التكوين الفكري، وليس له رسوخ السابقين في العلوم الشرعية، فغلب النظرة الكلية على الجزئية، ولم يعتن بجوانب الاتفاق والاختلاف بحسب ما يقتضيه النهج العلمي، بل ربما بالغ في النهج الإيدلوجي الذي يهدف إلى إسقاط الخصم بإبراز عيوبه وتجاهل محاسنة، والتفريق بين ما لا يمكن التفريق بينه كالتفريق بين الجانب الثقافي والجانب المادي في الحضارة الغربية، والذي كانت له آثار سلبية في الأمة الإسلامية ليس أقلها تعزيز الروح الاستهلاكية لدى المسلم، وسقوطه ضحية النزعة الشيئية، وحفلت تلك الفترة بإبراز معايب الآخر والسكون عن إيجابياته في محاولة لكسر حدة الانبهار بما لدى الآخر من جدة وهيمنة حضارية وثقافية وتقنية، وقد ساد هذا الاتجاه فترة من الزمان، وطبع العلم أثناء تأسيسه بطابع الإيديولوجي ، بللا يزال صدى هذه المرحلة حاضراً ولا سيما مع تأزم العلاقة مع الغرب، وأن بد أخيراً اتجاه جديد آخذ في التشكل شيئا فشيئا ينحي المنحي العلمي المبني على العدل، واستهداف الوصول إلى الحقيقة، واعتبار الجزئية والكلية والاتفاق والاختلاف، ويهدف هذا الاتجاه إلى إخراج العلم من المأزق الإيديولوجي إلى السياق العلمي الذي يسعي للتعبير عن الحقيقة دون أن يبخس الناس شيئا، بل معياره الحق في التقويم مع الأخذ في الاعتبار النسبية الثقافية بين الثقافات، وفي داخل الثقافة الواحدة، وترابط القيم الروحية والمادية وجوانب الاتفاق والاختلاف، ومن ثم امكانية الحوار والتفاعل والتعايش مع الآخر واستثمار الأرضية المشتركة والقواعد المتفق عليها، مع الوعي التام بالهوية الثقافية، والتمييز بين الممكن وغير الممكن مما يتيح المجال لتكوين عقلية مبدعة بعيدة عن التعصب والجمود والانغلاق، ولا شك بأن دخول العلم لهذه المرحلة علامة صحة ونضج وتحتاج إلى تظافر الجهود وتكاملها للسير بالعلم قدما نحو التأصيل والفاعلية في الواقع المعايش.


د. عبدالله بن حمد العويسي