اجدد المواضيع

الأربعاء، نوفمبر 30، 2011

اليمن والاحتلال وعلاقتها بالدول الخارجية



 اليمن دولة عربية تقع في الجزء الجنوبي من شبه جزيرة العرب، يحدها جنوبًا بحر العرب، وشمالاً المملكة العربية السعودية، وغربًا البحر الأحمر، وشرقًا عُمان. وتشمل هذه الحدود بلاد اليمن الموحدة التي تضم ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، واليمن الجنوبي أو الذي أطلقت عليه بريطانيا اسم عدن ومحمياتها، أو ما عرف ولفترة طويلة باليمن الجنوبي المحتل من قبل بريطانيا. وقد سُمِّي بعد الاستقلال باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وظل اليمن الشمالي يطلق على اليمن الجنوبي اسم الجنوب اليمني لأن هذا الجزء أرض يمنية لا تنفصل عن اليمن، وقد فصلته بريطانيا لأسباب وظروف استعمارية طارئة.





تقدر مساحة اليمن الموحد بحوالي 453,000كم². ويقدر سكان اليمن بحوالي 17 مليون نسمة في 2009 و33مليون نسمة في 2011 والله اعلم .

يتميز سطح شمال اليمن بكونه منطقة جبلية مرتفعة يحدها سهل ساحلي ضيق في الغرب، يعرف بسهل تهامة اليمن. ويمتاز مناخ هذا القسم من اليمن بأنه بارد في الشتاء، ومعتدل في أيام الصيف. أما السهل فمناخه حار رطب صيفًا، دافئ في وقت الشتاء. وتسقط الأمطار على هذا الجزء من اليمن في فصل الصيف بسبب هبوب الرياح الموسمية الغربية.

أما سطح جنوب اليمن، فهو سهل ساحلي يحاذي بحر العرب ويمتد من الغرب إلى الشرق، بالإضافة إلى المرتفعات التي تقع في شمالي السهول الساحلية. ومعروف أن المرتفعات الغربية هي أكثر ارتفاعًا من المرتفعات الشرقية التي هي في أغلبها هضاب تتخللها أودية، أكبرها وأهمها وادي حضرموت. وهناك صحَارَى في داخل اليمن الجنوبي تلي المرتفعات شمالاً. ومناخ الجزء الجنوبي من اليمن شديد الحرارة ورطب في الصيف، ودافئ في الشتاء. وأمطار هذا القسم من اليمن تسقط في فصل الصيف لوقوعه في مهب الرياح الموسمية.




في اليمن عدد من المدن تأتي في مقدمتها مدينة صنعاء وتقع في وسط البلاد، ويتزايد عدد سكانها تدريجيًا بسبب انتقال الهجرة إليها للعمل والتجارة. وهي مدينة جبليّة مرتفعة، ترتفع عن سطح البحر بحوالي 7,000 قدم. وهي عاصمة البلاد ومن أقدم المدن العربية وتشتهر بتاريخها الطويل العريق. وكانت تسمى في الجاهلية باسم أزال. وفي المدينة جامع كبير بني في زمن الرسول ³، وقام الوليد بن عبدالملك، الخليفة الأموي بتوسعته، ووسعه أيضًا غيره ممن حكموا البلاد اليمنية. وفي صنعاء مكتبة عربية قديمة، فيها كتب ومخطوطات نفيسة نادرة. وهي مركز للنشاط التجاري في اليمن، وفيها دوائر الحكومة اليمنية. ومدينة تعز، المدينة الثانية لليمن الشمالي، تقع في منطقة جبلية، وترتفع عن سطح البحر حوالي 4,000 قدم. وتقع في الجنوب من صنعاء، وتشتهر بزراعة البن اليمني الذي يصدر إلى الخارج من ميناء المخا. ومدينة الحديدة مدينة ساحلية على البحر الأحمر، ومركز تجاري مهم، وأكبر موانئ اليمن على البحر الأحمر. هذا بالإضافة إلى مدن: صعدة، وإب، وذمار، وزبيد، وبيت الفقيه وغيرها.

وتوجد في اليمن الجنوبي مدينة عدن، عاصمة الجزء الجنوبي من اليمن وميناء تجاري ومحطة ممتازة لتزويد السفن بالوقود. ويوجد فيها مطار، وفيها أيضًا معمل لتكرير النفط. ولموقع عدن أهمية استراتيجية واقتصادية. ومدينة المكلا، الميناء الشرقي للبلاد، له أهمية خاصة بالنسبة لحضرموت.

ومن موانئ اليمن: الحديدة، والمخا، والصليف، وعدن، والمكلا. ومن جزرها كمران، وحنش، وبريم، وسوقطرى وغيرها. وفيها مضيق باب المندب، وعدد كبير من الأودية مثل وادي زبيد، ووادي سهام، ووادي بنا، ووادي ورزان، ووادي الخارد، ووادي حضرموت وغيرها من الأودية الأخرى.





ينحدر سكان اليمن من عرب الجنوب المعروفين بالقحطانيين، وينتمون إلى أعرق الأصول العربية. وجميع السكان عرب مسلمون، وفيهم أتباع المذهب الزيدي، ويقطنون المناطق الجبلية. أما باقي السكان فهم سنيون شافعيون، ويتمركزون في محافظات إب وتعز والحديدة وفي تهامة والسواحل الجنوبية. ويعتز اليمنيون بعروبتهم، وأن اليمن الموطن الأول للعرب، ولعله الموطن الأصلي للشعوب السامية التي خرجت من الجزيرة العربية باتجاه الشمال. ويتكلم اليمنيون اللغة العربية.

اليمن بلد صالح جدًا للزراعة بأنواعها، ففيه أنواع المزروعات المختلفة، حيث تزرع أشجار الفواكه بأنواعها في الجبال والمناطق المرتفعة كالبرتقال والليمون والخوخ والمشمش والموز والتفاح والكمثرى والتين والعنب وغيرها. وتزرع في سهوله وضفاف أوديته الحبوب من قمح وشعير ودخن وذرة وعدس. بالإضافة إلى زراعة الخضراوات والبن والقات والقطن. وفي اليمن ثروة حيوانية.

ويصدر اليمن البن اليمني المشهور عالميًا. وقد عرف البن في اليمن منذ عام 950هـ،1540م، واهتم سكان اليمن بزراعته في المنحدرات اليمنية. ويصدر البن اليمني عن طريق ميناء المخا، والمخا ميناء قديم على ساحل البحر الأحمر. ويصدر البن إلى بلاد أوروبا مثل إيطاليا وفرنسا وهولندا وبريطانيا، وإلى مناطق الشرق الآسيوي كالهند والصين. واشتهرت المخا بأنها مركز تصدير البن اليمني. ويصدر اليمن كذلك البخور.

وفي اليمن ثروة معدنية، ففيه معادن كثيرة كالذهب والحديد والرصاص والنحاس والكبريت والملح والفحم الحجري والنفط. وهناك شركات نفط أمريكية تنقب عن النفط في اليمن، خاصة في المنطقة الساحلية. وبالفعل فقد بشرت النتائج عن اكتشاف النفط في اليمن، خاصة في المنطقة الشرقية. وفي عدن مركز لتكرير النفط له أهمية كبيرة في مناطق جنوبي الجزيرة العربية.

يعمل سكان اليمن بالزراعة التي تكثر في مناطق الأودية. ويعمل قسم منهم في الرعي خاصة في مناطق سفوح الجبال. وهناك فئة من سكان اليمن تعمل في صيد الأسماك في السواحل اليمنية، ويقوم اليمنيون بتمليح الأسماك وتجفيفها كي تصدر إلى الخارج. ويتركز صيد الأسماك في المناطق الساحلية حول البحر الأحمر، والبحر العربي في الجنوب. وهناك فئة من سكان اليمن تعمل في التجارة، واليمنيون قوم مشهورون بالتجارة منذ القدم، خاصة الحضارمة منهم. والشعب اليمني يحب الهجرة بسبب العمل والكسب، فمنهم أعداد كبيرة في إندونيسيا، وفي أرجاء العالم العربي، وفي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد توارث اليمنيون مهنة التجارة والرحلات الخارجية عن أجدادهم القدماء الذين كانوا يمارسون التجارة ويجوبون البحار والأقطار في معظم القارات، نظرًا لموقع بلادهم المهم على الطرق التجارية الرئيسية: البرية والبحرية. وهناك فئة من سكان اليمن تعمل في الصناعات اليدوية مثل: صناعة المنسوجات، والأواني النحاسية، والخناجر والسيوف اليمانية، والأحذية والقرب، ودبغ الجلود وغيرها من الصناعات الخفيفة.


تاريخ اليمن القديم
ازدهرت في اليمن قديمًا دول وممالك ذات حضارات عريقة، ويعود ذلك إلى حوالي عام 1300ق.م. فنشأت فيه الدولة المعينية، والدولة القتبانية والدولة السبئية والدولة الحميرية. وقد ظهرت آثار هذه الدول وحضاراتها وتاريخها من خلال مجموعة النقوش والمخلفات المكتوبة عنها، وما أكثرها. وركز الباحثون والرحالة الأجانب والمستشرقون على دراسة تاريخ اليمن القديم. وكانت تلك الدول تمتد باتجاه الشمال في مناطق شبه الجزيرة العربية. ووجدت في اليمن قديمًا إنجازات حضارية رائعة في مجال الاقتصاد والعمران، فهناك القصور اليمنية القديمة، وهناك سد مأرب الذي انهار فيما بعد فكان سببًا في إضعاف الحياة الاقتصادية الزراعية في اليمن السعيد، مما اضطر السكان إلى الهجرة من اليمن باتجاه الشمال. وقد تعرض اليمن لغزوٍ خارجي حبشي وفارسي.





الإسلام في اليمن
انتشر الإسلام بسرعة في اليمن، وكان أهل اليمن من الأوائل الذين آمنوا بما جاء به الرسول الكريم ³. وساهم اليمنيون كذلك في نشر الدعوة الإسلامية في خارج اليمن خاصة في شرق إفريقيا. ويعود دخول أهل اليمن في الإسلام إلى عهد الرسول الكريم ³، عندما أرسل عليًا بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن، فاستجاب لهما أهل اليمن في الحال وبدون تردد أو معارضة. ودخل سكان اليمن في الجند الإسلامي الذي شارك في فتح بلاد الشام وغيرها. وظهر في اليمن عدد من العلماء والمحدثين وكبار رجال الإسلام. وعَيَّن الرسول الكريم ³ عددًا من العمال على اليمن منهم الإمام علي ابن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبوموسى الأشعري، وخالد بن الوليد، والبراء بن عازب، وسعيد بن لبيد الأنصاري وغيرهم كثير. وكان من بين عمال الرسول ³ على اليمن وَبر بن يحنَّس الذي عمر جامع صنعاء المسمى الجامع الكبير بأمر الرسول ³. وتتابع عمال الدولة الإسلامية على اليمن في عهد الخلفاء الراشدين وبني أمية، وبني العباس.

ومن الملاحظ أن اليمن انفصل عن الخلافة العباسية في وقت مبكر جدًا، وتأسست في اليمن إمارات إسلامية مستقلة، مما حدا بالخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد إلى إرسال حملة عسكرية إلى اليمن تمكنت من إعادته إلى الطاعة العباسية. وأرسل عامله محمد بن عبدالله بن زياد واليًا على اليمن، وبدأ الوالي يستقل باليمن تدريجيًا، ويكتفي بالولاء الاسمي للخلافة العباسية في بغداد. وشملت إمارة ابن زياد مناطق الشحر وحضرموت وتهامة، وأسس دولته سنة 205هـ ، 821م، كما أسس مدينة زبيد، واتخذها عاصمة لدولته.

ظهر المذهب الزيدي في اليمن على يد يحيى بن الحسين بن القاسم الملقب بالرسي، (والرسي جبل قرب المدينة المنورة) الذي جاء إلى اليمن، واستقر في صعدة، وأخذت له البيعة، ولقب بالإمام الهادي إلى الحق. والمذهب الزيدي هو مذهب الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والزيدية فرقة شيعية كبيرة، وأتباعها في اليمن كثيرون. وكان يحيى بن الحسين بن القاسم أول إمام زيدي حكم اليمن.

قامت دولة أخرى في اليمن هي دولة بني يَعْفُر حكمت من عام 252هـ، 866م إلى عام 394هـ، 1003م، وقد نشأت أثناء فترة حكم الدولة العباسية. وظهرت تلك الدولة في شبَام ثم في صنعاء في عهد أسعد ابن أبي يعفر الحوالي، ثم امتدت إلى حاشد في الشمال، وإلى مخلاف جعفر والجند والمعافر في الجنوب. ويعدّ حكم السلطان أسعد بن أبي يعفر من أطول فترات حكم سلاطين بني يعفر.

تأسَّست دولة بني نجاح المملوكية في اليمن، وحكمت تلك الدولة فترة امتدت من عام 410هـ، 1019م، أي من بعد نهاية حكم بني يعفر حتى عام 552هـ، 1158م. وتنسب الدولة الجديدة هذه إلى نجاح مولى بني زياد الذي تسلم السيادة في منطقة تهامة في اليمن، وأعلن نفسه سلطانًا على المنطقة، وقدم ولاءه للدولة العباسية التي أجازت حكمه، ولقبته بالمؤيد نصير الدين. والمعروف أن بني نجاح من أصل حبشي.

كما نشأت في اليمن دولة بني الصليحي نسبة إلى علي بن محمد بن علي الهمداني الصليحي مؤسس الدولة الصليحية الفاطمية، وقد نادى بالدعوة باسم الخليفة المستنصر العبيدي الفاطمي في مصر، وقامت تلك الدولة في ظل وضع سادت فيه الفوضى والاضطراب في بلاد اليمن. وحاول علي بن محمد الصليحي أن يمد دعوته الفاطمية إلى الحجاز ليقضي على الدعوة العباسية والإمارة الحسينية في مكة، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق ذلك.

ظهرت في اليمن، خاصة في الجنوب دولة بني زُرَيع عام 463هـ، 1070م، وهم ينتمون إلى المكرم اليامي الهمداني، ويعرفون ببني زريع. ويعد زريع بن العباس بن المكرم اليامي الهمداني أول سلاطين آل زريع. وظلت دولة بني زريع هذه حتى عام 570هـ، 1174م. وقد تمركزت هذه الدولة في عدن وأطرافها.

ظهرت دولة بني حاتم في صنعاء وما جاورها منذ عام 493هـ، 1099م على يد حاتم بن علي الهمداني. واستمر حكم بني حاتم حتى عام 570هـ، 1174م. وكان حاتم بن علي المهدي قد ثار على حكم الأحباش آل نجاح. وظل حكم هذه الدولة حتى عام 570هـ، 1174م.

كما ظهرت في اليمن دولة بني أيوب نسبة للأيوبيين. وقد أسس صلاح الدين نجم الدين أبو الشكر أيوب دولتهم. وبدأت فترة الحكم الأيوبي في اليمن منذ عام 570هـ، 1174م وانتهت على يد آل رسول عام 626هـ، 1228م. وبدأت بحكم السلطان المعظم توران شاه بن أيوب، وانتهت بنهاية عهد السلطان المسعود يوسف بن الكامل. انظر: الأيوبية، الدولة.

حكمت اليمن دولة بني رسول نسبة إلى آل رسول محمد بن هارون أحد وزراء الأيوبيين في مصر. وجاء بنو رسول إلى اليمن مع الجيوش الأيوبية، وادعوا نسبًا غسانيًا يعود في جذوره إلى جبلة بن الأيهم آخر ملوك دولة الغساسنة. وقيل إن بني رسول من أصل تركماني. وقد استقر عمر بن علي في اليمن وضرب العملة النقدية باسمه، وخطب له على المنابر في صلاة الجمعة، ولقب نفسه بالملك المنصور نور الدين، وأسس بذلك دولة في اليمن عرفت باسم دولة بني رسول حكمت اليمن من 1228إلى1453م. وكان أمراء بني رسول على علاقة طيبة مع دولة المماليك في مصر، ولكنهم ظلوا على عداء مع الأئمة الزيديين في صعدة في اليمن. ودارت حروب مريرة وطويلة بينهم وبين بني رسول.

ينسب أئمة اليمن من الزيديين إلى الإمام الهادي يحيى ابن الحسين بن القاسم أول إمام في اليمن، وكانت اليمن وقتذاك قد انفصلت عن جسم الخلافة العباسية. ومعظم الأئمة في اليمن ينتسبون إليه ولذلك يطلق عليهم اسم الحسينيين، وهناك عدد قليل من أئمة اليمن ينحدرون في نسبهم من الإمام الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب، وهناك عدد قليل جدًا من أئمة اليمن ينسبون إلى الحسين ابن علي بن أبي طالب، ويسمون بالحسينيين.




ظلت سلطة الإمامة الزيدية وقوتها في معظم فتراتها محصورة ولزمن طويل في المنطقة الشمالية من البلاد اليمنية. وعدد أئمة اليمن تسعة وخمسون إمامًا حكموا اليمن منذ عام 898م إلى 1962م، حين أطيح بحكمهم في يوم 26 سبتمبر 1962م وأعلن النظام الجمهوري.

في عدن ولحج وبعض أجزاء من اليمن، ظهرت دولة بني طاهر التي دامت في الحكم في الفترة 1454 - 1538م. وينسب حكام دولة بني طاهر إلى جدهم طاهر بن تاج الدين بن مُعوضة الأموي القرشي. وكان علي بن طاهر بن تاج الدين بن معوضة، وأخوه عامر بن طاهر عاملين على عدن من قبل سلاطين دولة بني رسول. وكانت لهم مكانة بين السكان، ولهم مركز قوي في جنوبي اليمن. وتمكن الأخوان من بسط سيادتهما على عدن في الجنوب اليمني، وأنهيا بذلك حكم دولة بني رسول فيها. وظلت علاقة حكام بني طاهر بالأئمة الزيديين علاقة سيئة. وقد بقي حكم بني طاهر في عدن حتى غزا العثمانيون عدن سنة 945هـ - 1538م، وألقوا القبض على عامر بن داود الطاهري، وأنهوا حكمه.





ليست هناك تعليقات: